الاثنين ٢٦ أيار (مايو) ٢٠٠٨
بقلم فاطمة الزهراء الناضير

خِطابٌٌ إلَى أُمِّي

أمي
تَنْمُو قََصِيدَتِي
على ضِفاف ذاكِرَتي
مثل شجرةِ زَيْزَفُون
تَنمُو بعُرُوقي وَردَة ٌجَبليَّة
رَحِيقُها يُسبِّحُ لِلحُبِّّ
وَجْهُهَا القَمْحِيُُّ
يَقْتُلُ الصُّبحَ إذا أضْحَى
من عَينَيْْها تََتَدلَّى عَناقِيدُ العِنب
أمِّي
أذكُرُ يَومَ انكَشَفْتُ
أمامَ مِرآتِك
في لحظةِ أمَان
قُلتِ لي :لا بُُدََّ أن أُشَدِّبَ
قَلِيلاً شَعْرَكِ الَّليْليّ
كي تَتساقَطَ الكَواكِبُ الحُمْرُ
على شِفاهِ تُربَةٍ ثَمِلةٍ
أسْكرَها المَطَرُ
..............
أمي
قُصِِّي غَابَةَ قَلبي المُوحِشة
وتِلك الزَّوَاحِفُ المُفْتَرسَة
التي تَسكُن ُمَنامِي
قُصِّيها كي لا تَسْرِقَ أحْلامي
قُصِّيها بِمِذيَةِ حَدَّاد ٍ
مُعْتادٍ على طَرقِ أصَابِعِهِ
قُُصِّيها بمِقََصِّ خَيَّّاطٍ مَجْنُون
قُصِّيها بمِنْجََلِ فَلاََّح مَيِّت
قُصِّي جُرُوحًا لََمْ أتَبنََّّاهَا
قُصِّيها لَطالَمَا شَربَتْ حَلِيبِي
المُثْخَنِِ بالعَاطِفَة
اقْتُُلِي هذه الأشجَارُ والأنهَارُ
والأطْيَارُ التِي تََفْصِلُ بَيْنََناَ
تَعَالَيْ أمِّي ...تَعَالي
اطْْوِي المَسافَات
تَحْتَ جَناح بَعُوضَة
تَعالي أمِّي
بِأقْمَارِكِ ونُجُومِكِ
وشُمُوسِكِ البَاسِمَة
كي يَبتَعِدَ اليَأسُ القَارِسُ
وهذا الوَهمُ الأَمْلَسُ
خَبِّئِينِي في مِعْطفِِ حََنَان
خَبِّئيني في لَوحَةِ فنََّان
سُبحانَ من وضَعَ تَحتَ قَدَمَيْكِ
الجِنَان
..............
أمي
أبْحَثُ عَنْ فِرَاء ٍ
يُخَبِّىءأنوثتي الشائكة
يَومَ جَفَّ الصِّحََاب
مَلأتُ جِرََابِي ِبِحَفْنَةِ مِلحٍ
وحَفْنَةِ تُرابْ
لَو يَحْمِلُنِي البَحرُ الغَامِضُ
فوقَ بِسَاطِهِ الأزْْرَق
أمِّي هذه أنْبائِي كُلِّها
فَلْتَنْثُرِيهَا في جُبِّ قَلبِي
أتَسْمَعِينَ أنْفاسِي والنََّاسُ نِيَام؟
أمِّي سَمِعتُ صَلاَتَكِ
وابْتِهالاتكِ الحَزينَة
يََوْمَ مَرَّ بها الغَمَامُ
رَدَّدَهاَ الحَمامُ
أُنْشُودَة ًًصَامِتَة
آه ... أمِّي لَوْ تَعْرِفِين
أشْرَبُ العَلقَمَ بِدُون سُّكَّر
احْترَقَتْ ضَيْعَةُ الشَّمس
اهْتَزَّ عَرْشُ النَّمل
أتَكَبَّدُ الصِّعابَ مِرارًا
نَخِرَ السُّّوسُ فاكِهََة قلبِي
فَسَقَطََ مُنْهارا
.............
أمِّي
ألْتَمِسُ الدِّفْءَ من زَمَنِ الثَّلج
ولَيْْسَ مَعي حَطَبٌ ولا كِبْريت
آه...ليْتَنِِي مِتُّ قَبلَ هذا يَا لَيْت
صَاحِبَتِي قَطَّعَتْ أصابِعِي
لأََنِّي شَاعِرة
أركُضُ مُتَوتِّرة
والحُمَّى تُُذِيبُ هَيْكَلِي
إلى صَحَاري مُقْفِرة
أبْحَثُ عَن حَلَزُونٍ نَائِم
في حُضْنِ زِئْبَقَةٍ مُزهِرَة
عَلَّهُ يَصْنَعُنِي امْرَأة ًنَمِرَة
أَحْضُنُ الرَّملَ بكَفِّي المَحْمُوم
عَلَّهُ يَفُكُّ قَيْدِي الصَّدِأ
آه.. أمِّي صَدْري الأَجْوَف
مَلأَهُ الخَوْف
فَجُودي عَليَّ بِرضَاك
اطْرُدِي ذاك الطَّّيف
أمِّي اقرَئِي تَفاصِيلَ وَجْهِي
مَرِّري كَفّكِ الطَّاهِر
على رِمْشِي
على نَعْشِي
أحْيِي بُصَيْلاَتِ النُّور
في عَيْنَيَّ
أمّاهُ ..ضُمِّيني إليكِ
احْتلِّي ظاهِري وباطِني
آه..... يا أمِّي
..لمَ أتَيْتِ بِي
من جِنانِ الرَّحِم بَذرةً
وزَرَعْتِني فُلَّةً بيْنَ شَفرَة
السَّيفِ وحَافَّة ِالرِّمَاحِ
جُبِِلْتُ على خِصَلِ النَّحْلِ حُرَّة
أْرْتَعُ بََيْنَ الأَقاحِي
حَكَمَ الزَّمنُ علَيَّ
أن أَخِيطَ الحَجَرَ الصّوَان
بِريشِِ الكَرَوَان
أمَّاه..أسْنِدِي رُكَبِي
أصْلِحِي عَطَبِي
رَمِّمِي لُعَبِي
رَِّتِبي كُتُبي
امْنَحِينِي لُؤْلؤَةًً من عَيْنَيكِ
أعَلِّقها على صَدْري
تَعْصِمُني من الخَطَر
امْنَحِينِي قُبلَةً نُورانِيَّّة
تَقِينِي البَرْدَ والحَر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى