مقهى الذاكرة 1
(هذه القصيدة من سلسلة نصوص مقهى الذاكرة التي نشرت في ديواني (كم ساذج أنت) في 2010
وقد أهدديت النص حينها للشاعر الكبير مظفر النواب، وارتأيت أن أعيد نشرها بعد سماعي خبر رحيله.
ربما لم يسمع بها ولم يقرأها لكني سعيدة أني كتبتها له
هي ترجمة لإحترامي وإعجابي بهذه القامة الأدبية الكبيرة، والرمز الذي لن يتكرر)
(روحي ولا تكلها شبيج
حلاوة ليل محروكة حرك روحي
عتبها هواي ما ينفع عتب روحي)
الشاعر الكبير مظفر النواب
مقهى الذاكرة 1
اصح يا نادل وكفاك نوم
فليل الغربة ينساب مغترّ
اصح وأضيء القنديل
فحديث الذكريات الليلة طويل
افرك عينيك يا نادل
الليلة شدونا سيوقظ العنادل
وستسمع النجوم لنا سرّ
هيأتُ لك أفضل قدح شاي
اشرب وسأخُبرك أمر
أمس .. نعم بالأمس
طفتُ وزرتُ مرقد الإمام الخضر
اغتسلتُ بماء عينٍ دافئة
رغم قساوة البرد!
مشيتُ عند الجرف
أوقدتُ شموعا وتمنيتُ أمنية
لا بل قل ألف ..
تركتُ شموعي تسبحُ في النهر
حمّلتُ النهر أمانة
أن أحفظ أمنياتي يا نهر
ثم ركضتُ على الجسر
واحتويتُ بغداد بناظري من كل صوب
من الرصافة للكرخ
واستنشقتها شبرا شبر
سلَمتُ على أبي الجوادين
والأمام الحنيفة
وعلى كنائسها
وسألتُ الله أن يلهمني الصبر
وصحتُ
بغداد يا بغدادي
أنا أتمزقُ وأخافُ أن ينال منيّ القهر
فقولي لي يا أميرة الحضارات
.. مالحل؟
صدقني أيها النادل ولاتستغرب الأمر
فقد نادى عليَ دجلة وقال
شموعكِ حملتها في موجي
واكتست بلون الدم
شموعكِ تبكي أبطالاً شيّعهم الغدر
أنا دجلة الشهداء
وهنا كان لنا عرس
أزفهم للسماء وأقدم لهم الخلود مهر
صرختُ
الله أكبر يانهر
الله أكبر يا بلادي
حفظك الله من كل شرَ
تلك هي يا نادل بلادي
وأولئك القتلى هم أهلي
وأنا
عزيز قومٍ ذلّ
(قصيدة من ديوان كم ساذج أنت)