الأربعاء ٢٥ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم
أمّي
أمّي فأمّي ولا تسأل فلا أحدُو الخلق مقتربٌ يوماً فمبتعدُلو لم أكن بوجود الله معتقداًحقّاً الهي أمّي كنت أعتقدُإنّي لأعجب من قوم لما ذهبوالم يعبدوا الأم والأصنام قد عبدواإن لم تكن هي ربّاً في حقيقتهافإنّما بعده ما قبلها أحدُأولى الحقائق لا زالت وأُصدقهاو كل فكرٍ بها يسمو و يتّقدُقد كنت في بطنها للناس أجمعهموهماً ولكن لأمّي الروح والجسدُلم تشكُ من ألمٍ إلاّ على ألميأو ترجو من أملٍ إلاّ بما أعدُكأنما حملت في بطنها عجباًما كان في حضرٍ من مثله وبدوحتّى تقضّت شهورٌ تسعةٌ عدداًو ثم بضعة أيّام هي الأمدحان المخاض وكان الموت حاضرهايدنو إليها رويداً و هي ترتعدُكم صرخةٍ ألماً صاحت وما جزعتلو أن بعضه فينا لم نكن نلدُدكّت بأحشائها دفعاً على ألمٍفكان شاغلها أن يُنقَذ الولدُبقوة لم تكن فيها فقد عرفتبرقة الضعف لم يعرف لها جَلدُيبكي الوليد فتصغي و هي باسمةٌكأنه بلبل في أذنها غردُمهدودة الجسم من نزفٍ ومن نصبٍمصفرّة الوجه بالألفاظ تقتصدُلو قلتَ أن جهاد الحرب في رجلٍأقسى من الوضع فالإنصاف تفتقدُفهل رأيت جريحاً نازفاً أبداًأعطى سليماً دمـاً والله لا تجدُلكنها وهي ما زالت مضرّجةً تصحولترضعه والناس قد رقدواتأنّ من ضعفها لكن إرادتهاأقوى من الضعف إذ تهوي وتستندُلله عاطفةٌ في خلقها عظمتكيف احتواها فؤادٌ واحدٌ خضدأم إن في الأمر سرّاً لا تحيط بهكلّ الحروف و ما قلنا هو الزبدُوأيُّ سرٍّ به الأقدار قد رُهِنَتْلا بدّ حامله كفؤٌ و معتمدُموسى وعيسى وطه والوصي ومنقد كان قبلهم أنظر لمن عهدُواهذي هي الأم فاسجد عند موطئهاوالثم ثراه ففيه الحور تحتشدُأمي وأيّ حروفٍ مثلها نُطقتفيرقص القلب كالمجنون و الكبدُما خلتني غير طفلٍ عند حضرتهاوالشيب يضحك والخمسون والولدُأصحو كأني من حلمٍ أكابدهليقظةٍ ما بها همٌّ و لا نكدُيا أوّل الحب لم تترك سوى وشلٍللآخرين فلم يرضوا بما وجدواو ما اختياري هذا إنّه قدرٌرباطه قبل هذا الخلق منعقدُثم ارتضعت حليباً لم يكن مذقاًأو ضرع سائمةٍ قد عافها الرَشَدُأو ميتةٍ في عبوّاتٍ مزوقةٍجفّتْ وألف يدٍ عاثت بها ويدُفطعمه في لهاتي نبع ذاكرتيو ما استجّد فمن ينبوعه يردُإنّي لأذكر أمّي حين ترضعنيكأننا وحدنا في الكون ننفردُأرنو إليها وترنو وهي ذاهلةٌكأنّها وحدها من عندها ولدُأكبرته لبناً ثلثاه عاطفةًفاضت ولا زال هذاالفيض يضطردُما هزّني مثل أمٍّ طفلَها احتضنتو قد تعانق منها الكف والعضدُطوراً تشدّ عليه كي تعانقهلو تستطيع به تفنى و تتحدُوثم تلثم عينيه و غرّتــهو الثغر و النحر لثماً ما له عددُوثم ترقصه حتى إذا تعبتراحت تغنّيه بالإيقاع تجتهدُلو عرش بلقيس أعطوه لها بدلاًما كان يُلفتها بل فيه تزدهدُيحبو الوليد وعين الأمّ ترقبهفإن أصابه ضرٌّ عندها حسدُفنشّرته من الحسّاد قاطبةًحتى اسمُها ليس سهواً فيهم يردُتمضي السنين ويغدو طفلها رجلاًتقاسمته شجونٌ طبعه حردُفمرّةً هو مهمومٌ فتتركهو مرّةً راحلاً عنها و يبتعدُلا تستطيع له جمعاً فتجمعهفما هو اليومَ مثل الأمس بل بددُفالشغل والناس والدنيا تشاركهاو زوجةٌ أخذت ما يأخذ الأسدُرغم المرارةِ ذاك القلب ما برحتعواطفٌ فيه من شوقٍ له مددُأمسى الدعاء بفيها مثل هدهدةٍبالأمس كانت عسىتشفي الذي تجدُوما عرفت دعاءً كان لي سدداًو كاشفاً مثله ما مسّني كمدُإنّي رأيتُ بها حقّاً بلا جدلٍحاشاك ربّي هل كفؤ لها أحدُ