الثلاثاء ٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠
بقلم صلاح عليوة

أناشيد مملكة الظلال

كل تلك المسافات تمضي
تمر السنين ..
ويخبو غناء الشجر
سنمر وكل المساء وكل الهواء
وكل الخطي لمراسي الوصول
وكل النداء وكل الرجاء يمر
سنرى قمراً واحداً أثمرته السماء
نقول: سنُمضي مساءاتنا ذات يومٍ
برغم الحروب الكثيرة ما بيننا
حول نار السمر
طائرٌ غامضٌ سيغني لنا
معبر صامت يتذكرنا
عابر شارد يتقصى إشاراتنا
ساهد يائس يتأمل حيرتنا
قمر متعب يختفي مثل آمالنا
في ضباب السحرْ
كل شئ على مهل يتناسى ملامحهُ
كي تضئَ الصور
كل يوم تسافر شمس
وتربكنا لافتات الخريف
نلامس أسماء أبنائنا في الخيال
ونختار أي طريق يضللنا ..
أي قارب صيد صغير ليوصلنا
أي موج قديم يرقرقنا نحو صخرةِ بر
حين جئنا استهل الصباح حكايتنا
وجمعنا نبوءات أسلافنا
وبسطنا أساطيرنا
فتسمت بلادٌ بأسمائها
بينما كانت الريحُ نائمةً
والطيور محلقةً مثل آلهةٍ
فوق سرو الجُزر
نحرس الليلَ في كسلٍ
وتخلّد أشعارنا السنديان
تجر الخيول معاركنا
ونعبأ أحلامنا بالرحيل
ويتبعنا جوع أيامنا
فنزيح معابرنا صخرةً صخرةً
عن طريق الغجر
قال حارسنا:
سوف يأتي الغزاة مساء
لكي يسألوا عن طريق قصير
إلى حانة..
كي يطوفوا بقدسِ مزارِ قديم
وفي الصبح يمحونَ تاريخنا..
ينزعون بقايا النقوش
ليفترشوا صمتنا كاملاً
مثل سر
كل شئ يمر بنا
والغيوم تبلل أقدارنا
والمنارات تهوي وراء الخريف
ملامحنا تعبر الحزنَ
والصيف يمسح أكتافنا
همهمات الطواحين تتبعنا
والمدى ينزوي كصباح بعيد..
بارجات المنى تتأملنا
والأسى يختفي مثل أرجوحة
من وراء المطر
قال حارس أسطورة
إننا قد أتينا هنا خلسة ..
قد عبرنا - بليل - شقوق المدى
إننا ما حيينا زمانا هنا ..
ما انتقينا ورودا
تلائم حسن حبيباتنا ..
ما تركنا ملابسنا كي تجف
على شرفات منازلنا
ما ضحكنا على ضوء أسمارنا ..
ما نسجنا الحكاياتِ
عن موطنٍ بجوار القمر
كل شئ يمر بنا
نسأل الريح عن موطن
نسأل الموج والحزن
نسأل غيم القرى
نحمل الفقر ملء خطانا
وفي كهف أحلامنا يسطع الماس..
يلتمع الحزن مؤتلقا بين جمرٍ ودر
كل شئ يمر بنا
قارب واحد ضمنا
رغم كل الشجار القديم
وكل النزاع على موطئ في النسيم
وكل الحروب بأسماء آلهة في الغيوم
وكل القتال على منزل في جنان النعيم
وكل الرهان على من سيرفع قربانه أولا
كي يجئ المطر
كل شئ يمر بنا
قارب واحد ضمنا..
والسموات سقف مسيراتنا
والنجوم مرايا مصائرنا
والغيوم دموع بحيراتنا ...
والندى عرق من جباه لأسلافنا
وجدود مضوا للضحى و تنادوا
وهم يصعدون بأعمارنا
صخرة المنحدر
كل شيئ يذكرنا
نسترد المدى من غموض الضباب ..
ونتبع أنهارنا في شقوق السراب
وحين تريق النجوم مصائرنا
نتوارى سريعا .. سريعا
ونلقي بأخطائنا في بطون الحفر
كل شئ يذكرنا
نسمات الخريف.. ارتحال الطيور..
مراعي الصدى.. حزننا.. صمتنا
يأسنا – خافتا شاحبا - كنحيب الشجر
سوف نبقى قليلا
أمام الهواء و نمضي
سنطوي مصائرنا في الكلام
تشردنا العابرات
ونحمل قوس النبوءات
ذاك النبيذ جنى غرسنا..
عمرنا ظل هذا الحجر
كل شئ يمر بنا
والحياة خرافية مثلنا
فائتد عند زهر السياج
ترفق بأغنيتي وانتظر
لنهيل السلام على سروة
كي نمر على حزن زيتونة
أو جنود يلمون أشلاء موطنهم
أو رجال تقووا بخبز و ماء
وغابوا رويدا رويدا
وراء ضباب القدر
لحظةٌ كالقرون تمر بنا
خطونا صار موطننا
تتشابه أسماؤنا في مهب الهموم
وحين يساءلنا تائه عن رصيف
وحين نبوح بأحزاننا للسماء
لأنا غريبان تحت النجوم
لأنا رعينا وعود الغيوم
وعدنا بماء الينابيع..
كي يتدلى بكرمتنا كل هذا الثمر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى