السبت ٢٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١
بقلم سعد علي مهدي

المــطــــار

الموعدُ الورديّ والهدف النبيلُ
ورحلة ٌ أخرى بأجنحة ِ الغمام
والعالم السحريّ يدعو ..
كي أجدّد بيعتي الأولى لميثاق الغرام
إني حزمت مع الصباح حقيبتي ..
ووضعت في ذهني احتمالات ٍ عديده
وتركت خلفي ..
ما يذكرني بأوجاع الحروف
وما يكون من القصيده
لا وقت عندي كي أرتب لهفتي عند الكلام
تلك الشوارع ربما نسيَت خطايَ ..
وربما ..
فقدت ملامح صورتي بين الزحام
وأنا أفتش باحثا ًعن هاتفي الجوّال ..
والأفكار تدفعني ..
لأبعث منه تهنئة ً إلى عشّ الحمام
إني وصلت إلى المطار حبيبتي ..
وجميعُ أشواقي تسابقني لتهديكِ السلام
***
سنتان مرّت ..
منذ آخر شهقة ٍ عند الوداع
كانت معي ليلى تسيرُ كطفلة ٍ ..
ضاعت ..
وكانت نظرة العينين حائرة ً
وواضحة َ الضياع
مازلت أذكر حينما وقفت
ترشّ الماء من خلفي .. وتدعو
كي ترافقني السلامه
وأنا أطمئن لهفة الدعوات في شبه ابتسامه
سنتان مرّت كيف ؟
لا أدري ..
ولكنّي علمت خلالها ..
من أنّ جرح الحبّ قد رفض التئامه
إني أرى ليلى تعيش الآن محرقة انتظار
ترنو لفارق ساعتين من المطار إلى المطار
وتراقب الوقت الذي
سيعيدني بعد انقطاع
ليلى .. ولهفة مرفأ ٍ
مازال من سنتين ينتظر الشراع
***
حين التقينا ..
كان يسبقني الحنين لقتلها عشقا ً ..
وكانت رغبة السكين في شفتي تجاهر بالأنين
وشفاه ليلى موجة ٌ للشهد فوق الياسمين
كانت تحاول أن تخبّئ شوقها الناريّ ..
لكن .. كان يفضحها الحنين
للحبّ مقدرة ٌ على وجع السنين
لم تنتظرني عند شرفتها ..
وباتت في زحام الدرب ترتقب اللقاء
لا صبرَ يوقف لهفة الأشواق في ذاك المساء
حين التقينا ..
كدت أحضنها ..
وكادت أن تطوّقني علانية ً ..
أمام الناس ..
والأضواء ..
والدنيا ..
ولكن .. كان يمنعنا الحياء
***
لابدّ أن ننسى جراحات الهوى ..
ونعيد أفراح الحمائم والهديل
فالزورقُ النهريّ يسرح في رؤى لحن ٍ جميل
والعالم السحري يمنحنا مدى ً ..
من فرصة التعويض عن صبر ٍ طويل
إنّ المراكب تحتفي بلقائنا طربا ً ..
وتعلن أنها ..
لم تكترث من بعدنا يوما ً إلى عشق ٍ بديل
وأنا وليلى وامّ كلثوم ٍ
تغنّي بيننا ( شمسُ الأصيل )
لم أدرِ كيف تجرّأت شفتي على طرح السؤال ِ
وكيف ليلى رددته بنبرة ٍ فاضت حنان
ماذا يصيرُ الآن لو يقف الزمان ؟
ماذا يصيرُ الآن ..
لو يقف الزمان
والزورق النهريّ يجري ..
حيث أدرك في بدايات الرحيل
أنّ التنصّلَ عن مدار الأرض أمرٌ مستحيل
***
شهرٌ مضى ..
والوقتُ يخطف من جفون البرق
والأحداث تكتب مشهد الفصل الأخير
وأنا أواجه قسوة الآتي من الأيّام
بالصمت المرير
ليلى تفضّل أن نزور حديقة ً ..
كنا زرعنا أرضها يوما ً بأحلى الذكريات
وأنا أراهن أن ليلى
لم تكن تدري بأن الوقت يسرقنا
ويملأ من غبار الصمت آفاق الجهات
لا يستمر العالم الضوئي مبتهجا ً ..
ولا الأحلام تقدرُ
أن تحقق كلّ ما يرجو الهوى من أمنيات
لكنّ معرفتي بليلى ..
قد تصيرُ رواية ً عن محنة العشّاق ِ ..
في كلّ اللغات
***
اليوم نهبٌ للسكون
ليلى تداعب خاتم الفيروز في يدها ..
وترسلُ نظرة ً حيرى تبعثرها العيون
وأنا أعدّ حقيبتي ..
وأحاول الإفلات من وجع ٍ تراكمهُ الظنون
قامت ترتّب في الصباح ملابسي
وأنا جلست ُ مع احتدام هواجسي
في أن نكون ولا نكون
لا تسمح الأحزان بعد فراقنا في أن نكون
ها قد رجعنا مثلما كنّا
وعادت دورة الأحداث من سنتين تؤذن بالختام
ليلى ترشّ الماء من خلفي كعادتها ..
وتشهق بالسلام
وأنا كعصفور ٍ
يهاجر في فضاء الله من عام ٍ لعام
***
ماذا أصاب الشمس في هذا النهار
تبدو بلا عينين ..
والأشجارُ ذاهلة ٌ ..
وصوت الأرض مرتبك ٌ ولا يجد الحوار
وأنا أدور بصبر أعمى ..
بين أكداس الحقائب في المطار
لابدّ لي من فعل شيء ٍ
حيث رنة هاتفي الجوّال تخترق الظلام
ليلى تحاول أن تكلمني ..
وأخشى ..
من بكاء القلب أثناء الكلام

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى