جذمرة اللغة وأليفة السرد
1 ـ كتابةٌ بحبر التغيُّر:
بصدور هذا العمل الجديد للشاعرة المغربية نجاة الزباير تكون قد أسست كونها الشعري بتأنٍّ في أرض السرد الشعري؛ التي يميل إليها الشعر في الزمن الحالي.فالحساسية الشعرية الجديدة تنصبُّ أنهارها في محيط الشعر السردي، بسبب ما يوفره من رحابة تخييلية، وبنية حكائية لها قوام زمني خاص، وإمكانات أسلوبية. الأمر الذي يستدعي التساؤل عن مكامن الوعي الجمالي في العلاقة بين اللغة والشعر، وبينهما وبين السرد، وعن العلاقات السرية التي يُنتجها هذا الوعي.
إنه وعي لا يتأتى للذات الشاعرة إلا إذا تغيرت نفسُها من الداخل، وعاشت تجربة جديدة، وأهمية هذا التغير تزداد في تغير علاقاتها مع العالم، وفي تغير العالم ذاته. وهذا ما يتجلى من خلال هذا الديوان، فقصائده يتنامى فيها الشكل بالحدث والحدث المضاد، وينتقل المعنى من مكان خارجي إلى مكان داخلي، ثم إلى مكان افتراضي في وقت واحد، وكأننا إزاء زمنية جمالية مفرطة في تعدد صور واقعيتها، حيث تتداخلُ الأمكنة والأزمنةُ والسرود واللغاتُ، وأبنية التشكيل الدائرية التي يتنامى بناؤها من النص والقارىء، والقصائدُ المعنونة ب"القصيدة النبوية"، "غاضبة"، "خانها الكلام" خيرُ دليل على هذا، خاصة وأن وحدة النص؛ في هذا السياق المتنامي؛ لا تكمن في مقصد الشاعرة، بل في بنية النص نفسها. ولأنها ـ على الرغم من اكتفائها بذاتها ـ ذاتُ صلات خفية بالشاعرة، بسبب كونها تمثُّلا لأنهاجٍ لغوية معقدة، أو "أيقونة لغوية" تُنَاظِرُ حدوسَ الشاعرة عن العالم (1)، و حدوسها عن تغيرها الداخلي، ورؤياها الخاصة للوجود.
وبهذا التصور نكون قد قبضنا على التباسات العنوان "قصائد في ألياف الماء"، حيث تأتي القصيدة فضاءا لغويا تخييليا تتنافذ فيه علاقات التغير الجوَّاني والمظهراني، ويأتي السردُ ماءا منشعبا في هذا الفضاء على شكل ألياف حكائية، تُجَذْمِرُ لغتها لتوسيع ما يستحيل توسيعه.
2 ـ لغتها المُجَذْمَرَةُ :
فلغة الشاعرة ـ الحاملة للتغير والمنسكبةُ في أليافٍ سردية ـ لا تسيرُ وفق نظام هندسي مُحْكَمٍ ومغلق ومتكامل، بل هي صورة العالم نفسه الذي لا تنتهي غرائبه، مثلها مثل الجذمور الذي هو متوحش الجذور، حيث ينبت في كل اتجاه وبصورة فوضوية حية. وهذا ما يجعلها لغة ماكرة تتخفَّى دلالاتها تحت أقنعة شتى، وتتشابك مستوياتها خارج تخوم المواضعات والأنظمة المحددة لعلاقاتها بالفكر والوجود والخيال.
1.2 مستوياتها : إن اللغة في هذا الديوان هي ذاكرة الوجود، التي لها طاقات استيعاب المستقبل بكل تفاصيله المظهرانية والجوانية، فأنت ترى الكلمة في هذه اللغة تتناسل عِشقا وحبا في علاقة مع الأشياء. وهذه العلاقة تتناسج في ثلاثة مستويات :
أ ـ مستوى المشاهدة.
ب ـ مستوى التأمل.
ج ـ مستوى التطابق.
في الأول تكون العلاقة وصفية سردية أفقية، كقولها في قصيدة "جندي..قبعة..ووطن" :
اُلَّليْلُ يَكْسِرُ جُفُونَهُ اُلْخَرْسَاءَ
وَاُلْجُنْدِيُّ اُلْعَارِي مِنْ تَوَارِيخِهِ
فَََوْقَ رُكْبَتِهِ قُبَّعَةٌ مُمَزَّقَةُ اُلْأَطْرَافِ
(.........................)
يُقَـبِّلُهَا قُرْبَ مَخْزَنٍ صَغِيرٍ فِيهِ بَعْضُ اُلذَّخِيرَةِ (ص:12)
وفي الثاني تكون العلاقة استبصارية حدسية عمودية، كقولها من نفس القصيدة :
كَانَ طِفْلًا يُلَمْلِمُ مِنْ شَفَةِ اُلشَّمْسِ بَرِيقَهَا
يَتْلُو شِعْرَهُ قُدَّاسًا
ـ " لِلْحَرْبِ تَزَوَّدْ"
قَالَتْ رِئَةُ اُلْمَاءِ
جَمَعَ أَعْضَاءَهُ
وَوَلَّى نَحْوَ اُلْأَرْضِ
عَارِيًا مِنْ ظِلِّهِ. (ص:13)
كَانَ طِفْلًا يُلَمْلِمُ مِنْ شَفَةِ اُلشَّمْسِ بَرِيقَهَا يَتْلُو شِعْرَهُ قُدَّاسًا ـ " لِلْحَرْبِ تَزَوَّدْ" قَالَتْ رِئَةُ اُلْمَاءِ جَمَعَ أَعْضَاءَهُ وَوَلَّى نَحْوَ اُلْأَرْضِ عَارِيًا مِنْ ظِلِّهِ. (ص:13)
أما في الثالث فإن العلاقة تتخذ منحى حركيا تطابقيا عاليا، يُخرج اللغة من الوجود الفارغ الذي لا شحنة فكرية فيه، ولا حلمَ ولا توهجَ ولا إيقاع، ويُدخلها في سياق حركي حي، تتطابق فيه الكلمة مع الأشياء، بحيث تغدو جسدا واحدا متوحدًا في لباس واحد، ذلك أن الشيء في أصله كلمة، والكلمة في أصلها هي شيء، كقولها في قصيدة "خلعت نعلها":
أَقْبَلَتْ مِنْ أَرْضِ اُلْفَجِيعَةِخلْخَالُهَا جُـرْحٌفُسْتَانُهَا حَدَائِقُ نَارٍعِطْرُهَـا نَزِيفٌ.كُنْتُ حِينَهَا أَقْرَأُ وَجْهَ اُلرِّيحِتَسَلَّلْتُ لِمَنْفَايَ..كَانَ عَلَى وَجْهِهَا نَدْبٌسَتَرَتْهُ بِكِبْرِيَاءٍ-"اُجْلِـسِي"قَالَتْ حُرُوفِي تَتَنَشَّقُ هَوَاءَ اُلْفُرَاتِ (23 ـ24 )
إن هذه المستويات الثلاثة تتعالق في الجسد النصي تعالقا سرديا دلاليا، يُتيح للمتلقي فسحة تحديد علاقةِ هذه المستويات كلها بالفكر.
2.2 تحديد علاقاتها بالفكر : ونحن نعلم أن علاقة اللغة بالفكر تُحددها ثلاثة أنظمة أساسية؛هي:
1 ـ النظام الأسطوري (= الاستعاري،أو الشعري )الذي يتطابق فيه الدال مع المدلول، والاسم والمسمَّى، والكلمة والشيء.
2 ـ النظام العقلي (=الكنائي) الذي يُخضع الكلمة لمنظومة الوعي أو النفس، فلكي يوجدَ الشيء ينبغي أن يوجدَ أولا في إحدى هاتين المنطقتين ليتحقق بعد ذلك في اللغة.
3 ـ النظام الوصفي (= العلمي ) الذي يرى أن الشيء ينبغي أن يُوجد في الواقع الخارجي أولا، ويحس به ماديا، لكي يُصرَّح له بحق الوجود في اللغة.
وكل نظام من هذه الأنظمة له إجراءاته التي تجعله فاعلا في حقل اشتغاله.فالأول أطلق الأساطير والشعر والعبادات، والثاني أطلق علوم الوعي والنفس وعلوم المستقبل، والثالث قاد حياتنا المعاصرة، ولاسيما في هذا العصر"الأنترنيتي"(2). والشاعرة نجاة الزباير لوعيها بتصاديات هذه الأنظمة اشتقت منها لغتها الخاصة التي لا تتطابق مع لغة الخطابات الأخرى بنية وتركيبا وأسلوبا. فهي لغة لها خصائصها اللسانية والدلالية والمعجمية والأسلوبية؛ التي تمنح الكُتلة النصية شحنة مميزة صادمة، وتمد حبل التوتر بينها وبين الخيال إلى حدود الدهشة.
3.2 التوتر بينها وبين الخيال : فالحقيقة لدى الشاعرة نجاة؛ لا تقاس بالتشييدات الرمزية لها، وإنما بالقياس إلى الوجود، والوجود سرديٌّ في أكثر تفاصيله. من ثمة كان السرد في كل نصوص ديوانها هذا علامة فارقة مزهرة في منطقة المجاز، لأنه يقدم رؤية ذاتية وفكرية وتخييلية للشاعرة، تمارسُ التوتر الحادث بين اللغة والخيال(3). وهذا التوتر تنقله الوحدات السردية التي تقف وسطا بين مجازية اللغة ووجود الساردة؛ الذي يحول منطقة الرمز، ومنطقة الخيال إلى أفق تصوري وفكري، كما يتجلى ذلك في قولها من قصيدة "عاشقة":
كَانَتْ فِي عَيْنَيْهِ أَوْطَانٌتَسْتَقْبِلُ كُلَّ اُللَّاجئِينَ..وَ كَانَتْ لِي فِيهِمَا خَيْمَةٌ أَمِيرِيَّةٌتَخْلَعُ قَمِيصَ حَيْرَتِهَالِيَنَامَ اُلشَّوْقُ فَوْقَ جِسْرِ اُلصَّبْوَةِ.-"أَهِلِّي.." قَالَتْ أَقْوَاسُ جُنُونِه(....................................)اُنْخَطَفْنَا فِي رَوْضَةِ اُلْبِشَارَةِثُمَّ تَلاَشَيْنَا ...كَانَ اُلْجُرْحُ وَقْتَهَا أَعْمَىوَ كَانَ قَطِيعُ اُلْأَحْلاَمِ يَسُدُّ جُوعَنَافَجْأَةً جَاءَ اُلرَّاعِي اُقْتَرَبَ وَ سَلَّمَقَالَ:- "لَكُمْ سُهُوب اُلْفِرَاقِ وَسَغَبَ اُلْوَجْدِ "وَ قَادَ غُنَيْمَاتهِ بَعِيدًا.(ص ص54،55)
فالمعنى هنا يستحيل حضوره بين الدال والمدلول لأن ثمة انزلاقا إرجائيا أو تأجيليا لا ينتهي بين لا نهائية الدال ولا نهائية المدلول، خلافا لما هو متصور. وبهذا تكون اللغة المشدودة إلى حبل التوتر قد عملت على توسيع الدوال ومعها المداليل وتضمينها مفهوماً آخر جديدا للوجود.
4.2 توسيعها مفهوم الوجود : إن لغة الديوان تحاول توسيع حدود الشعرية التشكيلية والمعرفية، بحيث تنقل حدود الشعرية من نسقية العناصر إلى تداخلية الأنواع التي تبتكر نوعا من الخيال الموسوعي التشعُّبي؛ الذي لا يكتفي بفكرة العلائق الجمالية والمعرفية الكامنة، بل يتجاوز ذلك التصور للخيال، ناقلا حدَّه الجمالي والمعرفي الجديد من التركيز على فكرة العناصر المكونة للمنظومة الجمالية الواحدة، إلى فكرة الأنساق العلائقية التي تربط بين وفرة من الأنظمة الجمالية والمعرفية المتعددة والمتباينة ، حيث ينهار مبدأ الإيهام بالواقع، فالواقع نفسه صار مكونا من قوة احتمالية النسق، وقوة جسارة اللانسق معا، إنه واقع جمالي متناسل عضويا ولا عضويا، يتضامُّ ليتناثر، ويتناثر ليتضامَّ من جديد في إطار إدراكي أكثر وعيا ومعرفة وتخييلا، وبهذه المثابة التخييلية الجديدة والمدهشة من التركيب الخيالي المبتكرَ تكون فسحة الوجود قد اتسعت وتضوعت .
وَ إِذَا اُلْخَيَالُ تَحَاضَنَتْ أَغْصَانَهُ
أَضْحَى اُلْوُجُودُ مُعَبْهَرَ اُلتَّأْوِيلِ
ففعل اللغة هنا شبيهٌ؛ بل مطابق لفعل الجذمور، يربط ـ كما يقرر جيل دولوز و فيلكس غاتاري في كتابهما" ألف وجه" ـ على عكس الأشجار وجذورها أية نقطة بأية نقطة أخرى، وليس من المحتَّم أن ترتبط سماته بسمات من طبيعة واحدة. فهو يمنح حرية الفعل والتفاعل لأنظمة متباينة تماما من نظُم المعلومات، كما يمنحها كذلك لنظُم من غير نظُم المعلومات. ولا يمكن اختزال الجذمور وحصره في قانون الواحد أو قانون المتعدد، لأنه لا يتكون من وحدات صغرى، بل من أبعاد ومن اتجاهات متحركة، وليس له من بداية أو نهاية، فهو دائما يكون له وسطٌ (=بيئة، محيط) منه ينبت، ومنه يتفرَّع متجاوزا حدوده.
وعندما يغير عدد كبير منه أبعاده تتغير طبيعته أيضا، أي أنه يمرُّ بطور يتبدل فيه شكله. فهو نظام غير ذي مركز أو تَدَرُّج هرمي، وليس بنظام من العلامات قارٍّ، لا قانون عامَّ له، ولا ذاكرة منظمة أو جهازا مركزيا ذاتي الحركة. إذ طبيعته لا تُعيَّن إلا من انتقاله من حالة إلى أخرى، ولذلك تجد دائما هضبة في وسطه، وليس في بدايته أو نهايته.
وهكذا اللغة في هذا الديوان، طبيعتها من طبيعة الجذمور، لا تتعين إلا من خلال انتقالها من حالة إلى حالة، ومن سرد إلى آخر. وهذا التوسيع فيها ليس سوى توسيعٍ في مفهوم الوجود والحقيقة، وتوسيعٍ لحدود التخييل والجمال والإمكان البشري في التوقع المستقبلي الخلاق، يجعلنا نقع داخل الواقع وخارجه، وداخل اللغة وخارجها، مع الشكل وعبره أيضا،(4)ويجعل النصوص ذات قدرة على امتلاك وظيفة شعرية عالية يتوقعها وعي المتلقي، ويعترف بإمكانياتها، بسبب ما يتوافرُ فيها من علامات مُعينة تتيح الإقرار بفرادة تلك النصوص وتميزها في المنجز الشعري المجايل لها،(5) أي أن لها خواص أساسية ومميزة ترفعها إلى درجة الجذب والانجذاب. ومن بين هذه الخواص السرد، فما المقصود به؟، وما هي ألوانه؟
3 ـ سردُها المؤَلْيَفُ:
لقد صار السرد عاملا مهمًّا في التفرقة بين الشعر واللاشعر، ذلك أن الشعر السردي هو نص ممزوج لا يتأتى فصل عناصره. ومن ثمة أضحى مصطلح السرد حَدًّا معرفيا في بنية العالم التجريبي والفلسفي نفسه بمثل ما هو حدٌّ جمالي في بنية علم الأدب المعاصر، حيث انتقل علم السرد من سرديات الخطاب إلى علم أكثر شمولا واتساعا هو"سيمْيوطيقا السرد" التي تفتح النصوص الأدبية بكافة أشكالها وأنماطها على سياقات معرفية تعددية، أدبية وغير أدبية.
ولكي نقرأ قصيدة ما من قصائد هذا الديوان ينبغي لنا أن ندرك موروثها النوعي، أي ما يسميه جيرار جينيت (جامع النص)، كذلك لا بد أن نكون ماهرين في فرز عناصرها (السردية، الدرامية، الخطابية، الشخصية) الغائبة بسبب الطبيعة الإجمالية التي تعتمد على الحذف البلاغي في النص الشعري. (6) وقصائد الشاعرة نجاة تتحرك من منطقة إنتاج بنية سردية خاصة، حيث تحتضن صورا سردية منتجة ما يسمى بسرد خاص بهذه القصيدة أو تلك، الأمر الذي يجعل السردَ آخذا مكانه، مغيرا من وضعيته في سياق القصيدة من سرد خاصٍّ بالقصيدة إلى قصيدة خاصة بالسرد. فما هي كُنْهِيَّة هذا السرد؟ وما سماته التي تجعل النص متحولا هكذا؟
1.3 ماهيته : نقصد بالسرد في هذا المجال تقديم شيء إلى شيء آخر بطريقة منسقة، بحيث يؤدي بعضه إلى بعض بشكل متتابع. فهو المتابعة الجيدةُ السياق والتواصل، المتضمنة قصًّا قابلا للنقل، يترتب عن وجوده قيامُ بناء زمنين، تتعاقب فيه أحداث ومواقف، باعتبار الزمن تنظيمًا لمكونات قصة أو حكي، يحدد العلاقات الكرونولوجيا بين القصة والحكي، والنص، فالبُنى القصصية تقدِّم خصائص متكررة على نحو لافت يمكن ملاحظتها من متلقي العمل في توترات، أو في اطرادات مميزة، تشيد نحوا قصصيا (7)
فالسرد هو الشكل الجوهري للمعرفة بمعانيها المتعددة، تتنوع فيه الألعاب اللغوية والتخييلية، وتتسلل إليه المنطوقات الإشارية. وهو عند الشاعر نجاة يقرِّبُ الموضوعات الشعرية حين تحتفي بحيزها الزماني والمكاني، ويحرك المضامين تجاه هدف جمالي خاص بالشعر، ولهذا كان الأسلوب في نصوصها الشعرية هو شخصية هذه النصوص، وحركة الجمال فيها. فلعبة النص الشعري تظل لعبة في الزمن الذي يحوكه النص لموضوعه، فالشعر يفرض من زمنه زمنا آخر، متمنِّعا عن الاستناد إلى غير بنائه، واقتصاده الخاص.
وهذا الزمن الآخر يجعل التشبيه عند الشاعرة يتجاوز مجرد تحقيق هدف الإبانة والتوضيح إلى تحقيق قدر من السردية المستدعاة من خارج النص إلى داخله، حيث المشبه لديها يُحيل إلى سياق خارج القصيدة، فتكون له طبيعة درامية، وسياق منتج لصورة ذات طبيعة درامية كذلك، تتدرَّجُ في دراميتها بين صورة تقدم حدا أعلى، وأخرى تقدم حدا أدنى من الدرامية، متكئة على رصيد كامن في النص المرجع، أو النص السابق، إذ كل نص من نصوص الشاعرة له مرجعيات متعددة، وفقا لما يسميه "إيزر" بالسجل النصي فهذا السجل يُحيل على كل ما هو سابق على النص من نصوص وخارجٌ عنه، كأوضاع وأعراف اجتماعية وتاريخية وثقافية وأسطورية. وكلها تساهم في كشف معنى النص، وفي بناء دلالاته الجزئية والكلانية، غير أن السجل حين يندمج مع النص فإنه يفقد خصوصيته واستقلاله.
وقد كشفت الاتجاهات الحديثة في الكتابة عن إمكانية تضامن مجموعة من العناصر الموزعة بين ثنائية: الأنواع الشعرية / الأنواع النثرية مكونة ما يمكن أن نطلق عليه اسم الكتلة الشعرية التي تنهض من تقنية، تمزج من خلالها الشاعرة، أو ترَُكِّبُ،أنواعا أدبية مختلفة في شكل نص جامعٍ، له صدمةٌ شعرية كلية. وهذا المزج والتركيب في إطار السرد له هدف خاص.
2.3 هدف الاتكاء عليه : إن الاتكاء على البُنى السردية في هذا الديوان يهدف إلى استلهام المكنوز التراثي، واكتشافه وتأويله، وبعثه في إيقاع جديد. فالتجريب على مستوى الحكي عن الجسد وخبراته. ثم التجريب على مستوى حكي خبرات الحياة الشخصية المباشرة، حيث الاهتمام بالتفاصيل اليومية الدقيقة، وتحويلها إلى موضوعة شعرية. وأخيرا التجريب على مستوى اعتماد موضوعة Thème الحب، وإعادة خلقها في تشكل يجسد الصراع الحاصل بين الذات / الأنا مع السلطة المهيمنة.
هذه المستويات الأربعة للتجريب هي التي هدف السرد إلى إبرازها من خلال ميكانيزمات تعتمد على "سيميوطيقا السرد"؛ أهمها:
1 ـ التشاكل الذي يعني تنمية نواة معنوية معينة سلبا أو إيجابا بإركام قسري أو اختياري لعناصر صوتية ومعجمية وتركيبية وتداولية ضمانا لانسجام الرسالة (8)
2 ـ الرحابة الصورية حيث يمتاز النص الشعري بكونه خطابا ناظما لشساعة العلامات السيميائية.
3 ـ البنوك النصية حيث إمكانية استثمار التصنيف المعلوماتي في اكتناه جغرافية النص استنادا على مرجعية المتون الأدبية (9)
بهذه الميكانيزمات السيميوطيقية التأويلية نقف على حركية السرد في قصائد الشاعرة نجاة، ونتتبع مساربها وتلافيفها، وندرك من ثمة أن السرد عندها ما هو إلا مرآة تتمرآى فيها الذوات المختفية خلف الذات الشاعرة. إنه سرد حي مقاوم لسطوة النسيان، واقف ضد الأفول، بكل أنماطه وتشعباته.
3.3 أنماطه :
فهناك علاقات بين الشعر والسرد في هذا الديوان، تتجلى على المستويين : الزمني والدلالي وتتبلور في نمطين :
أ ـ الشعر في السرد : حيث يحل الشعر في إطار سردي بالأساس، مانحا النصوص قدرات جديدة للتأويل والتأمل.
ب ـ السرد في الشعر : حيث يحل السرد في إطار شعري، طارحا تقنيات لها قدرتها على تطوير إنتاج الدلالة النصية.
فالنمط الأول له دور فعال في إنتاج الدلالة النصية، وفي إنتاج الصورة السردية التي تتشكل من مفردة يتم من خلالها استدعاء ما هو سردي فور طرحها في القصيدة، وهو ما يحيل إلى بنية سردية من خارج القصيدة، ويندرج تحت ذلك أسماء الشخصيات المستدعاة إلى النص، أو التي تحيل على أحداث لها خصوصيتها، ومن ثم تكون لها بنيتها السردية الخاصة، أو تتشكل من تركيب شعري يمثل تشكيلا شعريا في سياق القصيدة، ولكنه يطرح بالأساس صورة يمكن رؤيتها سرديا، وهو ما يمكن إدراكه في كثير من الصور الجزئية المعتمدة على التشبيه أو الاستعارة (10).ولنتلمس ذلك في قول الشاعرة :
مَرَّ عَامٌ... ـ "سَيَعُودُ أَبِي بِرَأْسِ التَّترِيِّ" قَالَ ضَرِيرٌ بَعْثَرَهُ اُلْغِيَابُ سَخِرَتْ مِنْهُ اُلْفَجِيعَةُ فَوَلَّى يَجْرِفُهُ اُلسَّرَابُ.3مَرَّ عَامَانِ .. كَانَ يَهْطِلُ سُهَادُهُ كَفَنًا اُسْتَنْجَدَ بِبَنِي قَحْطَانَ عَدْنَانَ وَكُلِّ قَبَائِلِ اُلْإِسْمَنْتِ ظَمِئَتْ يَـدَاهُصَبَّ لَهُ اُلسُّومَرِيُّ كَأْسًا مِنْ تُرَابٍ ( ص: 15،14)أو قولها :كُنْتُ فَوْقَ أَرْضِ اُلْمُتَنَبِّيأَرْكُضُ فِي رَمْدَاءِ اُلشِّعْرِبِدُونِ جَوَادٍتَمَدَّدْتُ بَيْنَ اُلضِّفَّتَيْنِأَسْتَحْضِرُ اُلْمُوصِلِيَّوَ مَعْبَدَوَاُلرَّشِيدَ(........................................)رَأَيْتُهَا تَتَجَلْبَبُ لَيْلِيتَنْثُرُ شَعْرَهَا عِشْتَارًا (ص: 17،18)أو قولها :قُلْتُ لِطَيْفِهِ يَتَحَدَّبُ بَيْنَ أَسْفَارِ اُلْهَوَىيَسْرِقُ قُبُلاَتِ اُلنَّوَى-" لِمَنْ تَحْمِلُ سِلاَلَ اُلشَّمْسِوَ فِي يَدِكَ اُلْيُمْنَىصَحْرَاءٌ تَقُودُ إِبِلَ اُبْنِ عَبَّادَوَ هَذِهِ أَنْدَلُس مُسْتَسْلِمَةُ اُلْجُفُونِتُغَازِلُ وَلاَّدَةَوَ اُللَّيْلُ سَائِحٌ يَغْزُو حِصْنَ اُلْحَيَارَى".وَشْوَشَنِي- " تَأَبَّطِي أَحْلاَمِي اُلصَّغِيرَةَوَ مَزِّقِي قَمِيصَ اُلسُّؤَال"قُلْتُ - " أَلاَ تَرَى أَنَّ بَسَاتِينَكَ اُلنَّبِيذِيَّةَتَتَخَنَّثُ فِي مَنْفَايَ ؟ !"تَبَسَّمَ فِي مَكْرٍ...مَدَّ فِي غُبَارِ اُلْحُلْمِ قَامَتَهُقالَ : ـ " أُعْرُجِي إِلَيَّ" ( ص:69،70)
وهذه العلاقات ـ بوصفها بنية نصية كبرى ـ ذات معمار يحتفي بالتجاور، ويضم الكثير من الدلالات الحبيسة والهامشية. وما يعنينا هنا هو التأكيد على أن السرد في الشعر يقوم على الأسلوب التركيبي القائمة جماليته على ما يجمع بين أنواع مختلفة في كتلة نصية واحدة، بحيث لا يمكن فصل عناصرها دون الإخلال بالحس الشعري الكلي للنص، ذلك لأن تبئيره الأساسي قائم على نحو الخطاب الشعري؛ الذي يتسم ببنية لا تُخاصم السرد، فثراء النص الشعري فيه يظهر على مستوى النص كله.(11) لكنه ينبغي التفريق هنا بين المشهد السردي والصورة السردية، فالأول نعني به ذلك الذي يكاد يكون نصا سرديا مكتملا على مستوى الأداء السردي، بحيث يمكن تفكيكه نثريا ليكون نصا سرديا قائما بذاته لتوافر عناصر السرد الأساسية فيه ( = شخصية، حدث،زمان،مكان). والثانية نقصد بها تلك الحالة التي يتضمن فيها النص الشعري عنصرا سرديا قد لا تكتمل سرديته في إطار النص الشعري بقدر ما تكتمل في خارج القصيدة، أو هو واقعٌ فيما يمكن تسميته بالمجال الحيوي للقصيدة،حيث العنصر السردي هنا يُحيل إلى بنية سردية خارج القصيدة، أو على الأقل تأويل جانب منها دون الاعتماد على استحضار البنية خارج القصيدة (12). فالصورة هنا تتحرك حركتين خالقة نمطين لهما دلالتهما:
ـ حركة من خارج القصيدة إلى داخلها.
ـ حركة من داخل لقصيدة إلى خارجها.
في الحركة الأولى نكون بإزاء نص يسبق النص الشعري، وله طبيعة السردية في المقام الأول، يمكن للمتلقي أن يتجاوزه في القراءة، ولكنه لن يستطيع أن يتجاوزه في التأويل. وفي الحركة الثانية تدخل السردية في سياق النص منتقلة من التصدير إلى المتن، ومُغيرة من لغتها بحيث تتجاوز النثرية إلى الشعرية محافظة على درامية السرد، وتقنيات إنتاجه، وطارحة سياقات جديدة داخل السياق الكلي للقصيدة، ومنتجةً حركة لها حيويتها في هذا السياق، حيث المتلقي مضطر إلى متابعة ما هو خارج / داخل القصيدة (13)
وبهذا يكون السرد في الديوان قد اتخذ عدة تجليات إبداعية، خرجت عن مجرد الحكاية إلى إقامة بنى شعرية تشكل معالمَ مسارات سردية جديدة تتمثل في : الصورة السردية، والسرد اللاَّمسرود، والسرد من الخارج، والسرد الدائري.
فالصورة السردية لدى الشاعرة نجاة تعتمد على السرد وحدثيته، وتدفق الزمن فيه عبر توالي أفعالٍ ينتظم الحدث فيها، لإنتاج الدلالة الشعرية:
جَفَتْنِي حَـوْلًافَرَأَيْتُنِي أَلُوكُ اُلْعُمْرَكَانَ جَسَدِي خِرْقَةَ حَرْفٍيُطَرِّزُ مِنَ اُلْوُجُودِ نَبْعَهُوَكَانَتِ اُلْجِرَاحَاتُ تخُـَاتِلُ بَوْحِي(....................)دُرْتُ حَـوْلَهَا سَبْعًا كَانَتْ صُفْرَةُ اُلصَّمْتِ تَتَصَاعَدُ دُخَانًا جَذَبَتْـنِي إِلَيَّسَقَطَتْ نَفْسِي فَوْقَ لَظَاهَا.(ص: 9.7)
والسرد اللامسرود هو الذي يكون فيه السارد غائبا فهو سرد يعرض المواقف والوقائع بأقل درجة من التوسط السردي، حيث تتشكل فيه الشعرية من علاقة الأشياء المتجاورة في الفضاء الشعري، ويتخفف من التذويت، لتعلو فيه درجات الحيادية والموضوعية:
فَوْقَ أَرْضٍ زَيْتُونَةٍوَزَّعَتْ حِنْطَتَهَا مِنْ بَقَايَا اُلظِّلِّ .وَفِي أَزَاهِيرِ اُلصَّبْوَةِمَدَّتْ كَفَّيْهَا لِنُبُوءَةِ اُلْمَدَارِوَخَطَّتْ رَعْشَتَهَا ضِيَاءً.(..................)تُقْبِلُ مِنْ أَمَاسِي اُلرُّوحِتَغْزِلُ أَنْفَاسَ اُلْفَجْرِإِيقَاعُهَا وَرْدٌ .هِيَ سَيِّدَةٌ مَدَّتْ لِحَافَ شَجْوِهَايَتَلَأْلَأُ خَطْوُهَا فِي عُرُوقِ اُلنَّهَارِ .( ص: 29.28)
والسرد من الخارج هو السرد البصري الذي لا يبدو فيه الداخل إلا بالإشارات من حركة المشهد الخارجي بتفاصيله السردية الدالة، ولهذا السرد أواصرُ عميقة بالسرد السينمائي:
جَمَعَتْ جَدَائِلَهَا فِي قَمِيصِ اُللَّيْلِوَجَرَّتْ حَقَائِبَهَا مُتَهَدِّجَةَ اُلنَّبْضِسَقَطَ خُلْخَالُهَااُلْتَفَتُّ أُعِيدُهُ إِلَيْهَالَمْ أَجِدْ غَيْرَ صَوْتِهَا يَنْقُرُ حُلْمِي.
والسرد الدائري هو سردٌ يدور حول ذاته، في تدفق سردي، عبر سلسلة من التكرارات والتوازيات لتبئير حالة شعرية ما، أو موقف شعري (14) بالدوران حوله:
كَانَ حُبَابُ كَأْسِهَا يَلْبَسُ حُلْمِييَرْسُمُنِي أَنِينًا فِي غَيْمَةِ اُلْأَسْئِلَةِ(..................)نَظَرَتْ إِلَيَّ مَدَائِنُهَا اُلْمَشْلُولَةُاُرْتَعَشَتْسَقَطَتْ(...............)تَسَلَّلْتُ مِنْ عَرَائِهَاتَتَقَاذَفُهَا اُلْكَرَاسِي اُلْعَمْيَاءُو بَيْنَ إِصْبَعَيْهَا وَطَنٌ يَصْقُلُ جُرُوحَهُكَانَ اُلْمَكَانُ حِينَهَا يَطْوِي سُهُوَبهُاُنْحَنَيْتُ لِشَظَايَاهَا وَاُفْتَرَقْنَا.( ص: 46.43)
4 ـ إعادتها المتلقي إلى ذاته :
لقد اعتمدت قصائد هذا الديوان على بُنى وتقنيات تعبيرية تخرج بالمتلقي من عالم المحدود والمألوف إلى عالم اللامحدود واللامألوف، وذلك عن طريق لغتها التي يتماهى فعلها مع فعل الجذمور.فهي لغة تُفرز أليافا سردية متباينة الدلالة، وتنوع التجريب، وتنفي الحدود بين الأنواع، وتشعل التشكيل البصري.
إنها قصائد قد استوعبت الفنون الأخرى، واستفادت منها، بحيث كانت مصادر سردها تتواشج في ثلاثة مواقف:
الأول : هو الواقع وعلاقته بالذات.
الثاني: هو التراث وطريقة استيعابه للواقع.
الثالث: هو المجاز أشكاله بالمختلفة.
فالحكاية المنسوجة بهذه المواقف تشكل شبكة من العلاقات الداخلية، كما تتضمن محاور للتنظيم الزمني في إطار المظاهر التي تحكم عملية القص.(15)
وقد ساعد على تناسج هذه المواقف وامتلائها خيال الشاعرة الممتدُّ في جغرافية الأساطير والنزعات الصوفية والعشقية بلغة جذمورية تجعل وظيفته تقويضية تحريرية، وحركته متجهة إلى عالم خفي بصريا وغير مُدرك الآن، ولكنه موجود، ويمكن أن يزهر فجأة. فخيال الشاعرة نجاة يأتي دائما على هيئة شعرية، ليؤكد شيئا ما، أو يحدثه، وهذا الإحداث هو الذي يميزه عن الاستحضار أو الاستعادة، ويمنحه قوة إعادة المتلقي إلى ذاته، وتمكينه من مضاعفة الخيال والصور.
فالذات عندما تواجه عالم الخيال غير القابل للتنبؤية تتهاوى لديها كل أشكال المألوف والعادي، وتبدأ من ثمة الكتابة باعتبارها فقدانا لأثقال السفر...أثقال الألفة والعادية التي ينوء بها العقل والوجدان، فيحتشد الهواء بأشكال غير مرئية، ويتحرك الخيال في الضوء، وتصبح للكلمات أوزانها الخاصة المؤثرة، وتتداخل الفضاءات الخاصة بها مع فضاءات الجسد، حيث تتحول الكلمات إلى جسدٍ، والجسد إلى كلمات، ويتحول المتلقي إلى ذات أخرى جديدة شكلتها القراءة، حتى أنه ليتعجب من نفسه هاته. (16).
الهوامش
صدر الديوان منشورات "أفروديت" عن دار وليلي بمراكش سنة 2009،بحلة إخراجية تأسر العين والذاكرة بشتى الدلالات، وتمتد قصائده على مساحة 72 صفحة من القطع الصغير.
رامان سلون: النظرية الأدبية المعاصرة، ترجمة: جابر عصفور، دار الفكر للدراسات والنشر، القاهرة 1991م، ص: 129.
غلين دانيال Ghyn Daniel : الحضارات الأولى الأصول والأساطير، ترجمة : سعيد الغانمي، كتاب (دبي الثقافية) 27، أغسطس 2009 م، ص: 11 من مقدمة المترجم.
د. حامد أبو أحمد: شعراء السبعينيات في اسبانيا، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة 2002 م، ص: 29.
د. ايمن تعيلب: شعرية الفضاءات السردية وإعادة تأسيس حد المجاز، مجلة (الشعر)، فصلية، العدد 134، صيف 2009م، القاهرة، ص: 54.
يوري لوتمان: تحليل الخطاب الشعري، ترجمة: وائل فتوح، دار الحوار، سوريا 2001م، ص:83.
روبرت شولز : السيمياء والتأويل، ترجم سعيد الغانمي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1994م، ص: 110.
جيرالد برنس: المصطلح السردي، ترجمة: عابد خزندار، مراجعة وتقديم: محمد بربري، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة 2003م، ص ص: 145،8.
د. محمد مفتاح : التحليل السيميائي أبعاده و أدواته، مجلة (دراسات سيميائية)، العدد1، المغرب 1987م، ص: 10.
د. مصطفى الضبع: الصورة السردية في الشعر العربي، مجلة (الشعر)، فصلية، العدد 134، صيف 2009م، القاهرة، ص ص: 37،36.
د. علاء عبد الهادي: الشعر والسرد والنص بصفته كتلة، مجلة (الشعر)،
د. مصطفى الصبع، مرجع مذكور، ص:37.
المرجع السابق، ص:38.
د.شريف رزق: ظواهر سردية جديدة في (قصيدة النثر) العربية الجديدة، مجلة (الشعر)،العدد 134، صيف 2009م،القاهرة، ص:63.
د. محمد زيدان: البنية السردية في النص الشعري، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة 2004م، ص:42.
د. شاكر عبد الحميد: الخيال من الكهف إلى الواقع الافتراضي، سلسلة (عالم المعرفة)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 360، فبراير 2009م، ص ص: 224،221.